تقارير و متابعات

لو اتفقت الأذواق

يوسف القبلان
في المقهى، طلب الزبون قهوة سوداء، سأله الشاب السعودي الموظف في المقهى: حارة أو باردة يا عم؟

أجاب الزبون مازحا، أكيد حارة، من الذي يستمتع بالقهوة باردة، فعلا غريب! ابتسم الموظف وأظهر كأس قهوته وقال: أنا أحد أعضاء فريق القهوة الباردة. كان الموقف طريفا وفي نفس الوقت محرجا للزبون، اعتذر الزبون وقال: صدق من قال لو اتفقت الأذواق لبارت السلع.

موقف بسيط وطريف يذكرنا بأهمية احترام اهتمامات الناس واختياراتهم وخصوصياتهم، والتوقف عن تقديم النصائح الصحية للآخرين واقتراح قائمة الطعام ونوع المشروبات التي نرددها في المجالس المختلفة وكأنها واجبات وحقائق ثابتة يجب الالتزام بها. في اجتماعات الأصدقاء، خبرات وتجارب وكم هائل من النصائح عن العادات اليومية، والنصائح الغذائية والطبية، وتنوع طبيعي يتفق مع ظروف الناس الأسرية والاجتماعية والمهنية والصحية وهي ظروف مختلفة قد تنفع معها تجارب الآخرين ونصائحهم أو يكون العكس فلا مجال لتأكيد نجاحها مع الجميع. سيقول لك أحدهم بشكل قاطع -حسب تجربته الخاصة- لا يفوتكم، وجدت لكم أفضل حلاق بالعالم، أفضل مطعم، أفضل خياط، أفضل فندق، أفضل رواية، أفضل بلد تسافر إليه.. إلخ.

الأذواق تتنوع في أحوال الناس وأمور الحياة المختلفة، في القراءة، في التسوق، في السفر، في اختيار البرامج التلفزيونية، في الملابس، في المطاعم.. إلخ.

يميل البعض إلى الربط بين اختيارات الإنسان وشخصيته فيقال مثلا: قل لي ماذا تأكل أو ماذا تقرأ أو أين تسافر أقول لك من أنت. ولهذا يلجأ البعض في مقابلات التوظيف إلى التعرف على شخصية المتقدم للوظيفة عن طريق أسئلة تتعلق بالقراءة، والاهتمامات والعادات، وقد تطغى هذه الأسئلة الشخصية على الأسئلة المهنية!

وهذا خطأ يحدث في مقابلات التوظيف على الرغم من أهمية هذا النوع من الأسئلة، لكن المبالغة فيها أمر غير مهني، فهل سنسأل المتقدم لوظيفة عامل صيانة مثلا عن لونه المفضل أو الأكلة المفضلة، أو عن رأيه في نظام الأمم المتحدة!

يبتعد من يجري مقابلة التوظيف عن الموضوعية والمهنية حين يقارن بين اهتماماته وبين اهتمامات المتقدم للوظيفة ثم يعتمد على هذه المقارنة في التقييم واتخاذ قرار التوظيف من عدمه. إن فعل ذلك فهو يبحث عن نسخة منه وهذا خطأ في التوظيف لأن التنوع هو الذي يضيف للمنظمة وليس العكس.